بقلم المدون/ رامز عباس
14 فبراير 2010
نهار داخلى
ترن ترن ترن
غرفة نوم مطلة على كورنيش النيل فى أحد تلك الأبراج
التى أنشئت عقب الإنفتاح الاقتصادى إبان حكم الرئيس المؤمن
على سرير مثقل بالمفارش والأغطية الفاخرة الملونة والوسادات القطنية
ذات الملمس الحريرى جثتان نائمتان تدير كل منها ظهرها للأخرى
فعلى يمين السرير الدكتور لمعى فتوحى الأستاذ الجامعى المعروف بتفوقه العلمى
والذى يشتهر بأنه صاحب أقوى الشائعات الجنسية وعلاقاتة المريبة بالطالبات
داخل مكتبه بالحرم الجامعى
على الطرف الشمال من السرير تنام زوجته كوثر شوال
إمراة أربعينية ذات عيون عسلية أتت من الريف المصرى لتقيم معه بالقاهرة
ولم تشأ إستكمال دراستها الجامعية لأنها فضلت تكريس وقتها كله لخدمة زوجها
الدكتور لمعى حتى جاء يوماً قامت لترد بدلاً منه عالتليفون ، وتلعثمت
فى الحوار فما كان منه إلا إن قال لها متبقيش تردى عالتليفون يا جاهلة
ومن يومها وهى تناضل فى الجامعة صباحاً لتنال ما فاتها من تعليم
حتى حصلت على درجة الماجستير فى علم الاجتماع
عن تراجع قيمة المرأة العصرية الدوافع والأسباب
ترن ترن ترن المنبة المزعج لا يكف عن الرنين
تقوم كوثر من مكانها بالسريرفى تثاقل وكأنها تغادر بلداً حبيباً عليها
دون أن تنال حقوقها تتذكر كيف كانت أول ليلة بل أول شهرعلى ذلك السرير
وكيف كانت هى وزوجها يضحكان كثيراً يسهران كثيراً يلعبان لعبة الشطرنج
المفضلة لديهم تتذكر كيف كانت تشعر به ساهراًويظنها نائمة
فيجلس على طرف السرير ناظراً لوجهها الجميل متأملاً لشفتيها، عينيها
رموشها ،أذنيها، أنفها وكيف كانت تتمنى أن تقوم قافزة
من مكانها لتحتضنه بقوة وتعلن انها مثله لم تنم بعد فقلبها متشابك فى عنف
مع حبه الذى يرفض إلا أن يحتل كل شبر من قلبها
تسرع مرتدية الروب الأحمر ذاهبة إلى المطبخ لتعد له ولها الأفطار
تحاول ان تقطع حبل الذكريات الخاصة بغرفة النوم
تسير فى سرعة حتى لا تهاجمها الذكريات ،،،،
تمر وهى مسرعة بغرفة الأطفال التى تخلوا منذ 20 سنة من الاطفال
تتذكرأنها لم تنجب بعد وتنزل من عينيها العسليتين
عدة دمعات ملتهبة على وجنتها
تتذكر يوم قال لها ذلك الطبيب
الطبيب: مدام كوثر للأسف النتائج سلبية
كوثر : ازاى يا دكتور دى سادس مرة
الطبيب : للأسف ده اللى حصل ، لازم نرضى بقضاء ربنا سبحانه وتعالى
كوثر : ونعمة بالله وتبكى بحرارة
الطبيب: أرجوكى أهدىء انا عارف قد ايه الموضوع صعب عليكى
بل لو فى اللى هقوله عزاء النتائج السلبية
خاصة بالدكتور لمعى انتى ممكن تخلفى لكن هو لآ
تمر السنوات وتتذكر انها حافظت على بقائها معه دون أطفال لأنها تحبه وتعشقه
لم يكن بنيتها تركه وحيداً أصرت أن تقف بجواره رغم معارضة أهلها
وده طبيعى بالنسبة ليها ولكل عاشقة
تعد الافطار فى سرعة يدخل كل منهم الحمام الخاص به
هى تقف أمام المرآه لا تجد أى تجاعيد على وجهها مازالت جميلة
ويظن زملائها الذين صادقتهم بالجامعة
أنها مازالت بالعشرينات
يخرجان فى وقت واحد ينظر كل منهما للأخر
هى مازالت تحبه ولكن لم تفهم سبب بروده
هو ينظر لها ثم يشيح بوجهه كمن تخشب قلبه
فلم يتأثر بإبتسامتها العذبة
التى إرتسمت فى إستسلام أمام إغراء الحب
يجلسان على المائدة يأكلان فى صمت
تقطع حبل الصمت
قائلة: هابى فلانتين داى يا لمعى
لمعى : لا يرد
كوثر : لمعى هابى فلانتين داى
لمعى وكأنه جثة فى تابوت خشبى تحت الأرض
كوثر تقوم باكية : هابى فلانتين داى .. ترد متردش
انا بعلنها انت مش انسان انت ألة
لمعى يكمل إفطاره يدخل الغرفة يرتدى الجاكت
ويحمل حقيبتة الجلدية يسرع للخروج
بوم ... صوت إغلاق الباب بعنف متكرر منذ عدة شهور هما فترة البرود
الذى طرأ على زوجها ولم تلاحظة من قبل
لأنها كانت دائماً تحاول أن تثبت له حبها فكانت تذهب للجامعة
وكانت تقوم بأعمال المنزل
لم تفكر يوماً بالأستعانة بخادمة لأنها
كانت تغار من مجرد التفكير بوجود إمراة أخرى بشقتهم
ذهبت لغرفتهما جلست على طرف السرير
ثم استرخت وتمددت ونظرت لسقف الغرفة تفكر كيف غابت عنها الأحاسيس
تعبت من التفكير فلم تجد بداً من إستدعاء الأمنيات لعل وعسى
ثم تنتهدت وقالت : ليت الأحساس يعود يوماً،،،،، ليت دقات القلوب تعود يوماً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق